Sunday, June 8, 2008

......المُخـلـّص


كثيرون هم من يتحدثون عن الاصلاح والتغيير وان الظلم مصيره الي زوال وان الحق اتٍ وباق، اتفق تماما مع هؤلاء في حديثهم ولكن هذا الظلم من الذي سوف يزيله وذلك الحق من الذي سوف يطبقه ويحافظ عليه ويحميه، هنا تجد الجميع يتحدثون عن شخص يبحثون عنه يحارب ضد الظلم ويدافع عن الحق (امام/حاكم/زعيم/مرشد....) يلتفون حوله ويسيرون تحت لوائه، وعندما تعمقت في ماهية ذلك الشخص لم اجده الا في فكرة المخلص او المنقذ او المهدي المنتظر الذي نعرفه جميعا والحقيقة ان هذة الفكرة ليست في الاصل فكرة عربية او اسلامية بحتة فلقد وجدت في الديانات السماوية الثلاثة كما تحدث وصرح عنها عباقرة وفلاسفة الغرب
و يتحدث كتاب " المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي" من تأليف "مؤسسة الرسالة" عن هذا الموضوع فيقول ان فكرة ظهور المنقذ العظيم الذي سينشر العدل والرخاء بظهوره في اخر الزمان ، ويقضي علي الظلم والاضطهاد في ارجاء العالم ، ويحقق العدل والمساواة في دولته ، فكرة آمن بها أهل الاَديان الثلاثة، واعتنقتها معظم الشعوب.فقد آمن اليهود بها، كما آمن النصارى بعودة عيسى عليه السلام وصدّق بها الزرادشتيون بانتظارهم عودة بهرام شاه، واعتنقها مسيحيو الاَحباش بترقّبهم عودة ملكهم تيودور كمهديٍّ في آخر الزمان، وكذلك الهنود اعتقدوا بعودة فيشنو، و مثلهم المجوس إزاء ما يعتقدونه من حياة أوشيدر وهكذا نجد البوذيين ينتظرون ظهور بوذا، كما ينتظر الأسبان ملكهم روذريق، والمغول قائدهم جنگيزخان وقد وجد هذا المعتقد عند قدامى المصريين، كما وجد في القديم من كتب الصينيينوإلى جانب هذا نجد التصريح من عباقرة الغرب وفلاسفته بأنَّ العالم في انتظار المصلح العظيم الذي سيأخذ بزمام الاُمور ويوحّد الجميع تحت راية واحدة وشعار واحد: منهم: الفيلسوف الانجليزي الشهير برتراند راسل، قال: (إنّ العالم في انتظار مصلح يوحّد العالم تحت عَلَمٍ واحد وشعار واحد).ومنهم: العلاّمة آينشتاين صاحب (النظرية النسبية)، قال: (إنّ اليوم الذي يسود العالم كلّه الصلح والصفاء، ويكون الناس متحابِّين متآخين ليس ببعيد) والاَكثر من هذا كلّه هو ماجاء به الفيلسوف الانكليزي الشهير برناردشو حيث بشّر بمجيء المصلح في كتابه (الاِنسان والسوبرمان) وفي ذلك يقول الاستاذ الكبير عباس محمود العقاد في كتابه (برناردشو) معلّقاً: (يلوح لنا أنّ سوبرمان شو ليس بالمستحيل، وأنّ دعوته إليه لاتخلو من حقيقة)ه

و اذا كنا فيما سبق استطعنا ان ننفي ان تكون هذة الفكرة عربية او اسلامية بحتة، فان الذي لا نستطيع ان ننفيه هو انتشار هذة الفكرة لدينا بغض النظر عن اختلاف مستوياتنا الاجتماعية والثقافية وتوجهاتنا الفكرية والتزامنا الديني ، وان كان هناك اختلاف في مدي انتشار فكرة الرجل المخلص واختلاف هويته حسب كل مجتمع وحسب كل ثقافة
ولكن ما هي اسباب انتشارهذة الفكرة في مجتمعاتنا ، الحقيقة ان انتشارها يرجع لعدة عوامل مجتمعة منها
ادراك الناس لحديث ان الله يجدد لهذة الامة أمر دينها كل مائة عام كما ورد فى الأثر
حالة الضعف الذي يعيشه المسلمون خاصة والعرب بصفة عامة
ضعف/انعدام الثقة بالنفس
الشعور بالظلم :فكلما .زاد الظلم والقهر والبطش وتعمق الشعور بالاحباط والعجز لدي الناس لكلما تعمقت لديهم فكرة المخلص وازداد بحثهم عنه لتخليصهم و أنقاذهم من هذا الوضع الذي يشعرون امامه بالعجز وعدم القدرة علي التغيير
ولكنهم عندما يفعلون ذلك تكون النتيجة عكس ما يريدون ، فيزداد لديهم الشعور بالعجز والاحباط حيث انهم بهذا التفكير يقفون امام قانون سماوي لا يتغير دقيق كدقة القوانين الرياضية (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
لذا علينا ان نتخلي عن فكرة الاصلاح التي تقوم علي شخص واحد (وان مان شو) ، ونقتنع ان ما نحتاج اليه فعلا هو نهضة وليس اصلاح والنهضة تحتاج الي حراك اجتماعي ايجابي والي تضافر جهود المجتمع بالكامل وليس جهد شخص واحد علينا ان نرغم ونقنع انفسنا ان كل واحد فينا هو المخلص، علينا ان نجتهد ونبني ونربي هذا القائد فينا، وهنا نورد ما قاله الأستاذ/ شريف عبد العزيز
إن ظهور أمر المجددين لم يكن خبط عشواء وإنما سبقه مجهود طويل وشاق وحصاد عمل رجال قبلهم قاموا بواجبهم على أفضل ما يكون ولكن شاء الله عز وجل أن يأتي الحصاد وتجنى الثمرة على يد من بعدهم فنسب الفضل إلي هؤلاء وتاه الآخرون في بحر النسيان ولكن قطعا لم ينساهم رب السماوات والأرض نستخلص مما سبق ان المخلص هو ثمرة مجهود نبذله وهو حصاد ما زرعناه


واخيرا فإن الشخص الوحيد الذي لا يقتنع بفكرة المخلص ولا يبحث عنه هو المخلص فعلا